تکمن خصوصیةُ البحث فی شخصیة صلاح الدین الأیوبی التی کانت محط أنظار الشعراء وقبلتهم, بوصفه قائدًا بطلًا, وکریمًا شجاعًا, فی زمن الحروب الصلیبیة, جعل منَ الشعر مرآة ذاته, وسجل أحداث عصره, وناطقه الإعلامی, إذ ضَمَّ مجلسُهُ مشاهیر شعراءِ عصرهِ وخیرة کتَّابهِ فیه؛ لتخلید مآثره وانتصارته, لأن الشخصیة أبرز میادین الصورة, وهی نشاطٌ ذهنی یتشکل باللغة شرطه الأساس أنْ یکون معبرًا عن مکنونات النفس بإخراجها عبر تفاعل متوازن بین حسِّ الشاعر, وإدراکه, والصورة التی نبحث عنها ذات سمة موضوعیة دلالیة تکشف معانی الشاعر وأفکاره فی الترکیب والتشکیل, لأن الشاعر یدُلی بشهادةٍ لغویة عن مرئیٍّ / منظور, أو معنویٍّ یدرک بالحسِ والشعور, ویتمحور حول الذات والجوهر, لترتکز الصورة / الشهادة فی تراکیب لغویة وألفاظ یرسم الشاعر بها صورًا تجسد شخصیة الممدوح بقیمها ودلالاتها المتفاعلة مع واقع الحیاة, یلتمسها الشاعر بلغة شعریة, ورؤیة واعیة, لتصبح وسیلة حتمیة, لإدراک نوعٍ متمیز من الحقائقِ, تعجز اللغة العادیة عن إدراکه وتوصیلة, وتصبح المتعة التی تمنحها الصورة قرینة الکشف والتعرف على جوانب خفیَّة من التجربة الإنسانیة)), لتعبر اللغة الشعریة عن إحساس الشاعر وعاطفته بالصورة, ومحمولاتها الدلالیة, ومضامینها الموضوعیة, وقیمها, لأنَّ الصورة فی جَوهرها رسم قوامه الکلمات المشحونة بالإحساس والعاطفة, فالجملةُ الشعریة لم تعد وسیلة للتفاهم والخطاب, بل هی لوحة فنیة تُرسمُ بها الأحداثُ والمواقفُ.